solanaceae مـــشـــرف عـــــام
عدد الرسائل : 99 نقاط : 172 السٌّمعَة : 4 المزاج : المهنة : الهواية :
| موضوع: البساطة المفقودة الخميس سبتمبر 03, 2009 1:37 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيـــم
موضوع عجبني قرأته في أحد المواقع علي لسان احدي السيدات
أخبرتني سيدة شابة تزور بريطانيا بأنها شعرت للمرة الأولى كم هي بعض ممارساتنا مصطنعة ومتكلفة حين حضرت حفلة لطفلة في بريطانيا. قالت: " لقد أقمت أربع حفلات لطفلتي في جدة وفي كل عام كنت أحرص على أن أقيمها في أفضل الأماكن وأشتري كعكة الحفلة بما يقارب الألف ريال وأتكلف الشيء الكثير وكنت أظن أن ذلك سيسعد طفلتي، ولكن حين حضرت هذه الحفلة البسيطة والممتعة في الوقت نفسه والتي تم إعداد كعكتها في المنزل ورأيت السعادة في عيون الأطفال في المناسبة التي أقيمت لأجلهم -وليس ليتفاخر الكبار- شعرت بفداحة الفرق!". وما قالته هذه الصديقة ينطبق على أمور أخرى في حياتنا، حيث يبدو أننا ما زلنا نعيش آثار طفرة نفطية. هذه الطفرة التي أوهمتنا بأن سعادتنا تكمن في المال، وأنه كلما أنفقنا أكثر على الكماليات وعلى الأشياء كان ذلك أفضل. ولعل أكبر ضحايا هذه الممارسة هم الأطفال، لأنهم يخسرون مرتين: مرة حين يحرمون من أن يعيشوا طفولة حقيقية، ومرة حين تتم تربيتهم على هذا النمط من الحياة فيكبرون وهم أسرى له. في رحلة العودة في قطار الأنفاق في لندن في عطلة الأسبوع الفائت، شهدت حواراً بين طفلٍ إنجليزي وأمه كان يقول لها بأنه يتمنى لو كان لديه ثلاثون جنيهاً إسترلينياً (حوالي 180 ريالاً) ليشتري لعبة يريدها، فردت عليه الأم بأن عليه أن يبدأ بتجميع هذا المبلغ من مصروفه عند العودة للدراسة، فإذا استطاع توفير جنيهاً واحداً كل أسبوع فهذا يعني أن الأمر سيستغرق ثلاثين أسبوعاً، فأجابها بأن تلك فترة طويلة، فأخبرته بأن عليه إذن أن يوفر جنيهين أو ثلاثة وبدأت تطرح عليه مسائل حسابية عن الوقت الذي يلزمه لتجميع المبلغ. ابتسمت وأنا أتابع هذه الأم الواعية وهي تدرس ابنها في الإجازة وتعلمه درساً مهماً عن ضرورة أن يخطط المرء لما يريده في الحياة وأنه لا شيء يأتي دون جهد أو تضحيات. هذه الأم التي لا أظنها تبخل بهذا المبلغ على ابن السابعة، وإنما هي تحبه وتريده أن ينشأ معتمداً على نفسه، والدليل أنها كانت تحيطه بحنان وهي تتحدث معه بصوت منخفض وتتعامل مع كراشد يفهم ما تقول. ثم تذكرت كيف شاهدت مناظر معاكسة في بلادنا: ففي حين لا يبخل الناس على أن يشتروا لأطفالهم كل ما يريدونه من لعب وحلويات وملابس وأمور كثيرة لا يعرفون قيمتها لأنهم لم يتعبوا في الحصول عليها، لكنهم في الوقت نفسه وفي أحيان كثيرة يبخلون عليهم بأوقاتهم، ولا يجهدون أنفسهم بمحاولة النزول إلى مستواهم والحديث معهم، بل وقد يبخل البعض حتى في إظهار مشاعره لأطفاله. ثم إنه حتى بعد أن يشبوا يفرضون عليهم آراءهم في التعليم والزواج والعمل بل وحتى في اختيار أسماء أطفالهم! ولعل الجريمة الكبرى هي تربيتهم على هذا النحو، حين تُغرس فيهم معان خاطئة عن الأشياء المهمة في الحياة. إذ يتعلمون أن الأشياء الغالية هي الأفضل، وأن متع الحياة هي الأكل والشرب والتسوق. فأنا أراقب هذه الأيام جموع السياح الزاحفة على مدينة الضباب، فأشاهد الأطفال الأجانب يلهون برشاقة مع الأب أو الأم ويركبون الدراجات ويتناولون الشطائر التي أعدتها الأم في المنزل ويحملها كل طفل على ظهره لأنها وجبة غدائه هو، في حين أن الطفل العربي يعاني من سمنة واضحة وهو مقيم أمام مطاعم الوجبات السريعة ومحلات الآيس كريم وفي الأسواق والمجمعات التجارية، ومعه غالباً خادمة تحمل أبسط أشيائه من معطف ولعب وزجاجة ماء. وهو فوق هذا يسافر كل عام من دولة إلى دولة دون أن يعرف شيئاً عنها، لأن أهله أنفسهم غالباً لا يعرفون، فهم ليسوا سياحاً سذجاً (كما وصف سائح عربي في مقابلة مع صحيفة السواح الأجانب) يشترون خرائط وكتب رحلات تعطيهم نبذة عن البلد الذي يزورونه وعن أهم معالمه السياحية. ولأن الطفل يولد ويتربى على ذلك فهو يكبر متشرباً هذه الأفكار فلا يرضى إلا بالأشياء الثمينة، ويريد مساعدة أهله في كل شيء حتى في أمر زواجه. فليس غريباً أبداً بأن تسمع عن أهلٍ " يساعدون" ابنهم المتزوج حتى لو تجاوز الثلاثين. والحقيقة أن هناك فرقاً بين المساعدة المعقولة، وبين أن يتكفل الأب بكافة نفقات الزواج وما بعد الزواج، وكأنه أصبح أباً لأسرتين دون أن يستفيد هو شخصياً من زوجة ثانية! ولعلي هنا أطرح هنا رأياً لشريحة من النساء تعتقد أنها لا تستطيع أن تحترم في أعماقها رجلاً صحيحاً يمد يده في كل شهر إلى رجل آخر ليطعمه أو يدفع إيجار منزله أو يشتري ملابس زوجته حتى لو كان هذا الرجل أباه. إن للتربية دوراً كبيراً في غرس القيم الصحيحة في نفوس الأطفال والناشئة بل وحتى الشباب فما زلت أذكر ما قالته لنا ذات يوم معلمة فاضلة:" يا بناتي قبل أن ترتدين أية ماركة احرصن على أن تكون الواحدة منكن بالأصل ماركة وعلامة مميزة لا تخطئها العين".. كنت في السادسة عشرة آنذاك ولكن كلماتها التربوية الصادقة لا تزال مطبوعة في عقلي وفي قلبي، فالأشياء لا تمنحنا قيمتنا الحقيقية وإنما نحن الذين نعطيها معانيها.
عدل سابقا من قبل solanaceae في الخميس سبتمبر 03, 2009 4:16 pm عدل 1 مرات | |
|
RRC3 عضو
عدد الرسائل : 41 نقاط : 47 السٌّمعَة : 3
| موضوع: رد: البساطة المفقودة الخميس سبتمبر 03, 2009 5:32 am | |
| تسلمى يا سولانيسى نايس توبيك
| |
|
MoaTaseM الامـبـــــراطـــور
عدد الرسائل : 537 نقاط : 516 السٌّمعَة : 0 المزاج : المهنة : الهواية :
| موضوع: رد: البساطة المفقودة الخميس سبتمبر 03, 2009 4:05 pm | |
| | |
|