وائل2020 مـــشــرف كـــبـــيـــر
عدد الرسائل : 35 نقاط : 2 السٌّمعَة : 2 المهنة : الهواية :
| موضوع: من أسرار الأسماء في القران الكريم الجزء 5 الجمعة سبتمبر 05, 2008 11:51 am | |
| الفضل الفضل: هو الزيادة، والعرب تقول لما يبقى من الماء في الإناء بعد الشرب فضلة، وعليه تكون الفضلة: ما يبقى من الشيء، وما يزيد عن الاقتصاد والحاجة. فالألفاظ المشتقة من (فضل) يغلب أن تستخدم في الزيادة الإيجابية. يقول تعالى في سورة النحل: " والله فضّل بعضكم على بعض في الرزق": واضح أنّ المقصود بالفضل هنا الزيادة في الرزق. ويقول سبحانه في سورة الإسراء: " انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض..": فالتفاوت الإيجابي في خَلْق الناس من أهم أسس التحضّر الإنساني. ويقول سبحانه في سورة الرعد: "... ونُفضّلُ بعضها على بعضٍ في الأُكُل ": والمقصود هنا التمايز في أَطعام النباتات، وقيمتها الغذائيّة. ويتفاضل بعضها على بعض، مما يؤدي إلى التنوع الإيجابي. قد يخلط الناس أحياناً بين مفهوم (الخيريّة)، ومفهوم (الأفضليّة)؛ فإذا كانت الأفضليّة تتعلق بزيادة في المال، أو القوة، أو الجمال، أو العقل...، فإن الخيريّة تتعلق بزيادة الخير؛ فإذا كان فلان يفضلني بمال، أو قوة، أو عقل.. فليس بالضرورة أن يكون هو خيراً مني؛ فكم من فقير هو خير من ألف غني، وكم من ضعيف هو خير من ألف قوي. من هنا كان الحكم الربّاني الذي صدر في حق مجتمع الصحابة، رضوان الله عليهم: " كنتم خير أمّة أخرجت للناس "، ولم يقل سبحانه وتعالى: " كنتم أفضل أمة.."، لأنّ الفضل يحتمل وجوهاً كثيرة، ولا يستلزم الخيريّة إلا إذا كان فضل تقوى. والتفضيل الأخروي لا يستند إلى الفضل الدنيوي، بل يستند إلى الخيريّة في الحياة الدنيا. يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة: " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتيَ التي أنعمتُ عليكم، وأنّي فضلتكم على العالمين". هذه الآية الكريمة هي من الآيات التي أنّبت اليهود، لنكرانهم النعمة، وعدم شكرهم لله، الذي فضلهم، أي زادهم في العطاء الدنيوي بالإضافة إلى الكتاب والفرقان. وتُعدّد الآيات التي جاءت بعد هذه الآية، من سورة البقرة، النّعم التي كانت لبني إسرائيل ولم تكن لغيرهم من الأمم، فاستحقوا بكفرهم هذه النعمة أن تضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأن يبوءوا بغضب من الله، بل: " وإذ تأذّنَ ربك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومُهم سوءَ العذاب ". بهذا تتضح بعض أسرار الغضب الربّانيّ النازل باليهود: " غير المغضوب عليهم "؛ فقد كانت خيانتهم كبيرة. لاحظ بعض هذه النعم التي ذكرت وعُدّدت بعد قوله تعالى: " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي..." : " وإذ نجيناكم من آل فرعون..." ، " وإذ فرقنا بكم البحر.." ، " وإذ واعدنا موسى.." ، " .. ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون" ، " وظللنا عليكم الغمام، وأنزلنا عليكم المنّ والسلوى " ، " وإذ قلنا ادخلوا هذه القريةَ فكلوا منها حيث شئتم رغدا.." ، " وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب.." ، " وإذ قلتم يا موسى لن نصبرَ على طعام واحد..". نعم، هذه النّعم، وغيرها مما ذكر في سورة البقرة وسور أخرى، لم تحصل لأمّة من الأمم، ولو حصلت لغيرهم لكانت من دواعي الشكر والطاعة، ولكنّهم كفروا النعمة، وتمادوا في غيّهم وتنكروا لفضل الخالق سبحانه؛ فكان الحكم العادل، هو ما نصّت عليه الآيات التي ختمت الحديث عن هذه النّعم: "وضربت عليهم الذلّة والمسكنة وباءوا بغضب من الله..". وهذا ليس لهم فقط، بل لكل خائن لا تزيده النعم إلا ضلالا. وأخيراً نقول: إذا كانت الآية الكريمة هي من أشدّ الآيات ذمّاً لليهود، ولخيانتهم، فكيف فهمها البعض على أنها آية مدح ؟! ولماذا ذهب البعض في تأويلها المذاهب، على الرغم من أنّ صيغتها هي صيغة تقريع ؟! يبدو أنّ السبب في ذلك يرجع إلى الخلط بين مفهوم الخيريّة ومفهوم الأفضليّة.الشـهيـد الشهيد: اسم من أسماء الله الحسنى، فعلم الله تعالى يحيط بكل شيء، فهو، سبحانه وتعالى، عالم الغيب والشهادة. جاء في سورة الرعد: "قل كفى بالله شهيداًً" وقد كرّم اللهُ بعض خلقه فجعلهم شهداء على النّاس، جاء في سورة النساء: " فكيف إذا جئنا من كل أمّة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ". فالأنبياء شهداء على أقوامهم، والرسول، عليه السّلام، شهيد على الأمّة الآخرة، والأمّة الإسلامية شاهدة وشهيدة على باقي الأمم حتى تقوم السّاعة. جاء في سورة البقرة: " وكذلك جعلناكم أمّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " . وحتى تكون الأمّة شهيدة على الناس، لا بد أن تكون ممثلة لحقيقة الإسلام في إيمانها، وسلوكها، ولا بد أن تحيط بالواقع من حولها، وتكون قادرة على تقييم هذا الواقع، والحكم عليه، على ضوء مقاييس الإسلام. ويكتمل معنى الشهادة في الأمّة عندما تقدّم البدائل للواقع السلبي، وبذلك تكون شهيدة في الدنيا، وهذا يؤهلها لأن تكون في مقام الشهادة يوم القيامة، أي في مقام التكريم. جاء في سورة النساء:" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً". وجاء في سورة الزمر: " وجيء بالنبيين والشهداء..". إنّ الشهداء في الآخرة هم الشهداء في الدنيا، فهم الذين يعملون على إقامة العدل، على أساس من شرع الله. جاء في سورة المائدة: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ". وجاء في سورة النساء: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ". ومعلوم من النص القرآني الحكيم أنّ الله تعالى قد أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل أن يقوم الناسُ بالعدل، جاء في سورة الحديد: " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط ". وللقيام بالعدل، ولإقامة العدل، لا يكفي قوة الفكرة وتماسكها، وسمّوها، بل لا بد من القوة التي تحق الحق، أي تجعله واقعاً راسخاً في الأرض. انظر تتمة الآية من سورة الحديد: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ". والقيام بالقسط، والسير في سبيل الله قد يترتب عليه موت أو قتل، وهذا في منطق الذين لا يؤمنون مجازفة وخسارة. جاء في سورة آل عمران: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم، والله يحيي ويميت، والله بما تعملون بصير ". يستفاد من هذه الآية أيضاً أنّ القرآن الكريم يفرّق بين الموت في سبيل الله، والقتل في سبيل الله. جاء في الآية 157 من سورة آل عمران: " ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ". ويظهر مثل هذا الفرق في اعتبار من يُقتل في سبيل الله شهيداً حيّا. والشهادة اختيار ربّاني، جاء في سورة آل عمران: " ويتخذَ منكم شهداء ". والشهيد شاهد بفعله على صدق مبدئه، وعمق إيمانه، وهو شاهد على تقاعس المتقاعسين، ثم هو يوم القيامة من الشهداء الذين يشهدون على الناس. ولا يصح في إيمان المؤمن أن يظنّ أنّ الشهيد ميت، ولا يجوز لنا أن نتفوّه بذلك، بل نحكم له بالحياة عند ربّه، لأننا ملزمون بالأخذ بما يظهر لنا من حاله. من اللافت للانتباه أنّ كلمة شهيد هي من الكلمات التي لا مرادف لها في اللغة العربية، وهي من الألفاظ الإسلامية التي يستخدمها حتى غير المسلمين، وغير الموقنين، إذا أرادوا تكريم قتلاهم، أو حتى موتاهم. وفي الوقت الذي استبدل فيه هؤلاء مصطلح الجهاد، مثلاً، فقالوا: كفاح، ونضال، و قتال، … فإننا نجدهم يحرصون على استخدام مصطلح شهيد. وقد يَشهَد هذا الموقف بحقيقة ما تُكِنّ صدورهم من شكّ وتردد تجاه عقائدهم، وما تستشعره عقولهم وقلوبهم من جلال الإسلام وأحقّيته.الوكيل الوكيل: هو الموكول إليه، والمفوض إليه الأمر. وعليه فلا وكيل على الحقيقة إلا الله تعالى. وهو سبحانه سبب الأسباب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. ومعلوم أنّ التوكل هو من أفعال القلوب؛ فهو إيمان وتصديق، ثم هو توجه ورغبة، وهو قوة عظيمة تشحن الإرادات، كيف لا وهو الركون إلى ركن شديد ؟! وما من إنسان إلا ويرغب في وكيل. وما عالم الحسرة، والوهن، والإحباط، وسوء الظن، وما إلى ذلك من أمراض القلوب والإرادات، إلا من نتائج التوكل على غير الله، من المخلوقات الضعيفة، والكائنات المحتاجة. تُستهل سورة الإسراء بآية تتحدث عن حادثة الإسراء بالرسول، عليه السلام، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. ويدهشك أنّ الآيات التي تلي تتحدث عن إفسادين لليهود في الأرض المباركة. والذي يهمنا، في هذه العُجالة، الوصية التي أنزلها الله تعالى في التوراة، ثم أنزلها في الآية الثانية من سورة الإسراء: " وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل، ألا تتخذوا من دوني وكيلا..". فلماذا هذه الوصية المشددة والمكررة ؟! وما علاقتها بالإفساد اليهودي في الأرض المقدسة ؟! والواضح من نصّها الكريم أنها وصية وتحذير: " ألا تتخذوا من دوني وكيلا..". وقد يكون من أسرارها أنّ النهايات المفجعة للمجتمعات اليهودية ترجع إلى اعتماد هؤلاء اليهود على وكلاء من عالم الشهادة، وهذا مؤشر على ضعف الإيمان بالله تعالى، وهو دليل أيضا على شدة تعلق هؤلاء بعالم المادة وبالأسباب الأرضية. إسرائيل شاحاك من الكتاب اليهود الذين يُلفتون انتباهك في قربهم النسبي من الموضوعيّة، وهو من القلة التي انتقدت العنصرية الصهيونية، وكشفت حقيقة الكيان الإسرائيلي في فلسطين. وهو يرى أنّ المذابح، التي تعرّض لها اليهود في المجتمعات الغربية، ترجع في الأساس إلى التحالفات التي كان يقيمها اليهود مع القوى المتنفّذة والظالمة. والعجيب أنّ هذا الخطأ يتكرر وكأنه قانون في حياة اليهود، على الرُّغم من أنّ النتائج كانت دائما مفجعة، وعلى وجه الخصوص عندما تَنقضّ الشعوب على جلاديها. والأعجب من هذا أنّ اليهود لم يستخلصوا العبر، وما زالوا يؤمنون بإمكانية الركون والتوكل على القوى البشرية والماديّة، حتى باتت المادة، وبات رأس المال، المعبود الذي يتوكلون عليه. عندما شعر اليهود بصعود أمريكا، القوة الجديدة، وجدناهم يسارعون إلى الهجرة إليها، حتى باتوا في أعلى درجات السلم السياسي والاقتصادي، وأصبح الأمريكي شيئا فشيئا يشعر بوطأة أقدامهم على رقبته. وهذا الشعور قابل للتصاعد على ضوء المعطيات التي تُخبرنا بانّ المجتمع الأمريكي يتحول، شيئا فشيئا، إلى مجتمع الأقلية المالكة والأكثرية المغلوبة على أمرها، والتي باتت تشكل الآلة التي تخدم الأسياد، ولديها شعور متفاقم بالغُبن والإجحاف. هذا في داخل أمريكا، أما في الخارج، فقد بات المجتمع الدولي يشعر بالنفور الشديد من هذا المتطفل، الذي يضرب بسيف المارد الأمريكي، ولا يقيم وزنا لمشاعر الآخرين، ولا يشعر أبدا باحتمال انقلاب الموازين، وتغيّر الوقائع، بل ينطلق في سلوكه من منطلق أنّ هذه هي نهاية التاريخ. وبهذا نجدهم يكررون الخطأ، ويقعون في المحذور. ولم يعد بإمكانهم أن يستمعوا إلى رب الناس يحذرهم: " ألا تتخذوا من دوني وكيلا...". إنّ هذه الوصية لا تخص اليهود دون غيرهم، وإن كانوا هم الأحوج إليها. ونحن لا نعجب من سلوك اليهود هذا عندما نطلع على تراثهم الديني والثقافي، وإنما العجب، كل العجب، أن يذهل عن هذه الوصية الربانيّة بعض من عايش الإسلام، فنهل من القرآن الكريم، والسنّة الشريفة، وتنسَّم عبير تراثه المفعم بالإيمان والثقة واليقين والتوكل: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا". | |
|
MoaTaseM الامـبـــــراطـــور
عدد الرسائل : 537 نقاط : 516 السٌّمعَة : 0 المزاج : المهنة : الهواية :
| موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القران الكريم الجزء 5 الأربعاء سبتمبر 02, 2009 5:15 pm | |
| | |
|